في أول يوم من أيام العزاء ..!
28 نيسان 2010
في الأمس كانت تلعب وتلهو هنا بين يدي وسط حضني الدافيء، ورأسها على كتفي ويدي تداعب وجنتيها الناعمتين …
هذه الكلمات التي كانت تهذي بها ” أم حسين ” والدة الشهيدتين ماسة عماد حسين فقهاء(10 سنوات) وشقيقتها جنى (6سنوات) من قرية عين البيضاء واللواتي وافتهن المنية في الثامن والعشرين من نيسان لهذا العام، نتيجة تصادم جب عسكري بجرار والدهما عماد فقها(37)عاما في أثناء عودتهم إلى منزلهم بعد قضاء يوم شاق في مزرعتهم، وإصابة والدهما وشقيقهما حسين (11) عاما بجروح متوسطة.
كانت أم حسين في بيت الأجر بين الفينة والأخرى تعود بذاكرتها إلى الوراء، قبل يومين من استشهاد طفلتيها الصغيرتين، لتحدثنا عن ابنتها الصغرى جنى تقول ودموع الألم والحسرة على وجنتيها:” قبل أسبوع رحت على المدرسة الأساسية لأسجلها في الصف الأول ميشان تلتحق مع بداية السنة الدراسية الجديدة بالصف الأول الأساسي، وبعدها روحنا وكانت الفرحة مش سايعتها، وظلت طول اليوم تلعب مع خواتها وبنات الجيران تحكي وتحلم باليوم إلي راح تروح فيه على المدرسة وتلبس المريول الأزرق وتحمل الشنطة على كتفها وترافق خواتها الصبح في مشوارهن المدرسي، بس الاحتلال استكثر عليها هاي الأمنية وقتلها ، قتلها هي وأختها ماسة، قتلها بدم بارد “.
“قبر الشهيدتين جنا وماسا “
عادت أم حسين لتغيب عن الوعي وعدم الشعور والإدراك بما يدور حولها لتلفت أنظار المعزيات بطفلتيها عن السؤال عنهما تصيح بعد شعورها بفقدان الفلذتين :” أين انتن يا زهراتي أين انتن؟ ولماذا قتلكن الاحتلال الإسرائيلي؟ ….
تتابع أم حسين صرخات الوجع و الغصة والألم على فقدان ابنتيها الطفلتين لتحكي لنا قصة خروجهما من المنزل :” رحن مع أبوهن وأخوهن على المزرعة وما كنن بعرفن في مصيرهن إلي بستناهن، تتابع:” والله لو بعرف انه راح يصير هيك معهن وما راح يرجعن على الدار، كان ما خليتهم يطلعوا.
وتضيف وعيناها مغرورقتان بالدموع :”عند رجعتهم في المسا بعد يوم شاق ومتعب دهسهن الجب الإسرائيلي إلي كان جاي مسرع من مضارب عين الحلوة على الشارع الرئيسي لعين البيضا ، وكان في عين الحلوة خيمة اعتصام للمئات من المتضامنين الفلسطينيين والأجانب ضد تهجير سكان مضارب عين الحلوة، ومنع مصادرة أراضيها والمستوطنين عملوا خيمة على بعد 5 متر عن خيمة الفلسطينيين “.
” صور توضح لحظات استشهاد الطفلتين وخيمة الإعتصام “
وتكمل الأم المحروقة على فقدان ابنتيها وما صاب زوجها وولدها من كسور وألم القصة قائلة :” إن هذا الحادث كان مقصودا وعامدا متعمدا لان التراكتور كان يقف على حافة الرصيف، والجيب هو إلي نزل عن الشارع باتجاه التراكتور ودهس البنتين وصاب والدهن وأخوهن بجروح وكسور فلا يوجد أي مبرر للجيب للنزول عن الشارع باتجاه أولادي! “.
وعلى بعد كرسيين من أم حسين كانت تجلس في بيت العزاء بين النسوة صديقة الشهيدة ماسة “وعد فقهاء ” من قرية عين البيضاء ابنة العشر سنوات والتي يتفوق عقلها على سنها ، تقول وعد:” ما ذنب صديقتي ماسة وشقيقتها جنى لكي يقتلوا بدم بارد وكأنهم خراف العيد، ما ذنبهم لكي يقتلوا دون أن يرتكبوا أي خطأ أو ذنب؟؟ .
وفي اثناء حديثها سقطت من عيونها دمعة بريئة كانت تحاول إخفائها عن الأنظار لكن الدمعة أبت الاختباء وأعلنت الظهور لتسقط على وجنتي وعد مكملة حديثها :”يجب أن تقف كل شعوب العالم معنا لنخرج الاحتلال الإسرائيلي من بلادنا، ويجب أن ندافع عن ممتلكاتنا وأراضينا من الاغتصاب” .
وتتذكر وعد صديقتها ماسة عندما كانتا تلعبان معا وتلهوان معا، وتقضيا أجمل الأوقات برفقة بعضهما بعضا، تقول وعد :”كنا نقضي اوقاتا ممتعة و جميلة جدا مع بعضنا فقد كنا نلعب وندرس ونأكل ونترافق بمشوار المدرسة وفي كل شيء فهي صديقتي وأختي وزميلتي ولا أتصور الحياة دونها ” .
فارقت الشهيدة ماسة الحياة قبل أن تودع أمها وأختها وحقبتها المدرسية تاركة ورائها أحد ابسط أحلامها بان تصبح مديرة مدرسة، وذلك لحبها لمديرتها بشرى.
ذهبت ماسة وجنى مخلفات وراءهن أثارا تروي قصة استشهادهن، ولم يكن اولى طفلتين يقتلن امام اعين وناظر والدهن، فقد سبقهن الكثير من الاطفال الذين خطفوا من الحضن الدافيء، والصدر الامن دون اي مقاومة او اعتداء، مثل محمد الدرة وغيره من اطفال غزة والضفة الغربية.