بيت لحم / PNN / يتعرض حوالى 10,000 عامل فلسطيني للاستغلال في مزارع يملكها إسرائيليون في وادي الأردن في الضفة الغربية، وفقاً لما ذكره عابد ضاري، منسق المشروع الخاص بالعمال الفلسطينيين في كاف لعوفيد، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية تحمي حقوق العمال.

وفي تصريح صحفي نشرته شبكة الانسانية الاخبارية قال ضاري أنه على الرغم من إصدار المحكمة العليا الإسرائيلية حكماً في أكتوبر 2007 ينص على ضرورة منح كل فلسطيني يعمل لدى أرباب عمل إسرائيليين في الضفة الغربية مزايا العمل نفسها المنصوص عليها في القانون الإسرائيلي، فإن هذا لا يحدث.

وفي السياق نفسه، قال إيال هاريوفيني، وهو خبير في شؤون وادي الأردن بمنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية غير الحكومية “بتسيلم”، أن “قرار المحكمة العليا ينص على تطبيق قوانين العمل الإسرائيلي على الفلسطينيين، وهو ملزم لجميع المستوطنات في واقع الأمر، ولكن لا يتم تطبيقه. ويحدد القانون الإسرائيلي الحد الأدنى للأجور بما يترواح بين 180 و190 شيكل [46-49 دولاراً] عن كل يوم عمل كامل”. كما ذكرت المحكمة العليا أن “تطبيق القانون الأجنبي على العمال الفلسطينيين، فيما يتم في المقابل تطبيق القانون الإسرائيلي على العمال الإسرائيليين، يُعد انتهاكاً للحقوق الأساسية للعمال الفلسطينيين ويخضعهم للتمييز”.

ولا يملك الفلسطينيون سوى خيارات قليلة تتعلق بالأنشطة الاقتصادية المستقلة في وادي الأردن، حيث يحظر عليهم استخدام حوالى 87 بالمائة من أراضي تلك المنطقة، التي تقع ضمن المنطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بينما يتاح للمستوطنات الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي استغلالها. وفي حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية، أشارت إسراء مظفر، رئيسة مكتب وسط الضفة الغربية التابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية الشؤون (أوتشا) إلى أن “الفقر منتشر من جراء الوضع العام في وادي الأردن وعزل المنطقة بسبب صعوبات الحصول على الأراضي وغيرها من القيود”.

المقاولون

وتزداد مسألة حقوق العمال تعقيداً بسبب المقاولين الفلسطينيين الذين يوظفونهم نيابةً عن المستوطنين الإسرائيليين؛ فبهذه الطريقة، يمكن لأرباب العمل تجنب التعامل مباشرةً مع العمال. وعلاوةً على ذلك، أكدت منظمة كاف لعوفيد أنه ما من عقد عمل مكتوب بين العمال والمقاول وصاحب العمل. واتفق عابد ضاري مع وجهة النظر هذه، مشيراً إلى أن “المقاولين يمثلون مشكلة كبيرة، فهم يحاولون تشغيل الفلسطينيين مقابل أرخص سعر ممكن حتى يتمكنوا من كسب المزيد من الأرباح لأنفسهم. لقد حاولنا إقناع السلطة الفلسطينية بالضغط على هؤلاء المقاولين المتعاقدين من الباطن، لكن شيئاً لم يحدث”.

كذلك يحصّل المقاولون رسوماً من العمال القادمين من مدن أخرى في الضفة الغربية، مثل نابلس، مقابل النقل، وبالتالي تنخفض رواتبهم الصافية إلى 13 دولاراً يومياً. وتقوم منظمة كاف لعوفيد بتمثيل عمال وادي الأردن الذين رفعوا دعاوى قضائية ضد أصحاب العمل في المحكمة، ولكن الخوف الشديد يمنع معظم الفلسطينيين من القيام بشيء من هذا القبيل. ويؤكد ضاري أن المستوطنات تمارس الضغط على الفلسطينيين. فالمستوطنون كلهم يعرفون بعضهم البعض ويتصرفون مثل اتحاد تجاري. إذا عرف أحد المستوطنين أن رجلاً إسمه محمد رفع دعوى قضائية ضد صاحب عمل آخر، سيفصل جميع أفراد عائلته من أعمالهم..

الأطفال

وأضاف ضاري أن ما بين 150 و200 طفل، بعضهم لا يتجاوز الثانية عشر من العمر، يعملون في المزارع، بينما تقدر مصادر أخرى عدد الأطفال العاملين بالمزارع بما بين 500 و1,000 طفل. فترك محمد (15 سنة) المدرسة قبل نهاية التعليم الإلزامي الذي حددته السلطة الفلسطينية بخمسة عشر عاماً، ليعمل في الصوب الزراعية في مستوطنة تومر الإسرائيلية. وهو يقول أن “هذا العمل صعب، لأن الحرارة تتخطى الـ 50 درجة مئوية أحياناً في الصوبة”. وهو يتلقى 18 دولاراً في اليوم مقابل عمله لمدة تسع ساعات، بدون أن يحصل على أي تأمين.

وفي هذا السياق، قال إيال هاريوفيني: “الشركات العالمية والمزارعون الإسرائيليون هم الذين يحققون الأرباح في أغلب الأحيان. فهم يصدّرون معظم المنتجات، مثل الفلفل والبهارات، وخاصة التمور التي أصبحت أهم مصدر للربح بالنسبة لهم.”

ويميل الأطفال إلى العمل لإعالة أسرهم الفقيرة. فيقول محمد: “في الواقع، أود أن أصبح ميكانيكي سيارات، وربما أتعلم كيفية القيام بذلك في أريحا، ولكن هذا غير ممكن على الإطلاق.” فيتدخّل والده، خالد الرشايدة ليوضح: “إننا ببساطة لا نستطيع إرساله إلى أريحا، فأنا كموظف في مدرسة محلية، أكسب فقط 1,700 شيكل [430 دولاراً] في الشهر، ولا يمكننا تدبر شؤون معيشتنا بدون دخل محمد”.