يعتبر نبع العوجا من أهم المصادر المائية في الأغوار الفلسطينية حيث كان يشكل احد اهم المناطق البيئية ذات التنوع الحيوي والحياة البرية الغنية بكافة اشكال الحياة وكان نبع العوجا يشكل مصدر مياه الشرب والاستخدامات المنزلية لاكبر قرية في الاغوار ” العوجا حوالي 6000 نسمة “.

كما كان يشكل مصدر حياة ودخل لمئات الأسر التي كانت تقصد العوجا شتاءا لحياة كريمة رخيصة حيث يتوفر العمل في الزراعة والتي كانت تشكل العمل الرئيسي لكل سكان المنطقة وقد اشتهرت العوجا بزراعة الموز “ابو نملة ” وهو من الاصناف الفلسطينية التقليدية وهو مهدد بالانقراض اليوم نتيجية لتوقف نبع الحياة في العوجا.

  منذ بداية السبعينات وكباقي مناطق الاغوار عمدت سلطات الاحتلال لاستخدام المياه كاحد الاسلحة الفتاكة ضد الوجود الفلسطيني في الاغوار ” فالمياه هي مصدر الحياة الاساسي وبلا ماء وتحديدا في بيئة الاغوار تستحيل الحياة ” وانطلاقا من هذا الفهم اللاانساني عمدت سلطات الاحتلال الى الشروع بحفر ابار مياه ضخمة في عين النبع وعلى الاعماق الحرجة حيث تم حتى الان حفر اربعة ابار ضخمة عبر شركة مكروت الاستعمارية والتي تعتبر ذراع الاحتلال ومنفذ سياساته على الارض تحت مسمى شركة وهي مملوكة لدولة الاحتلال، وقد تم حفر هذه الابار جميعا على الحوض الذي كان يغذي النبع مما ادى الى جفافة بالكامل ، فبعد ان كانت هذه النبعة تزود السكان وثروتهم الحيوانية بالمياه الجارية العذبة المتوفرة على مدار الساعة.

وبعد ان كانت العوجا تزرع ما يقارب 12 الف دونم من الزراعات المروية وتحديدا الموز والحمضيات والخضروات حيث كان انتاج العوجا من الموز يفوق حاجة السوق المحلي ويصدر للعواصم العربية ، وبعد ان كان نبع العوجا يشكل احد اهم المتنفسات السياحية الفلسطينية حيث كانت تؤمة العائلات والرحلات الجماعية وكانت المدارس تسير رحلاتها السنوية من مختلف انحاء الضفة الى نبع العوجا .

وبعد ان كان نبع الوجا يشكل احد اهم روافد نهر الاردن بالمياه وبعد أن كان نبع الوجا ومسارة في الوادي نحو الشرق بطول حوالي 12 كم يشكل احد اهم حواضن الطبيعة بكل انواع الحياة ، اصبحت العوجا اليوم احد المناطق القاحلة التي لا يمكن لاي نوع من انواع الحياة العيش فيها ، إذ لا توجد قطرة ماء واحدة في هذا النبع . وتذهب كل المياه رغم ضخامتها الى المستعمرات الاسرائيلية اللاشرعية المحيطة في العوجا.

مستعمرة عطاف وهي مستعمرة لليهود القادمين من دول الاتحاد السوفيتي سابقا ، ومستعمرة نعماه التي اقيمت مقابل مخيم النويعمة المدمر والمهجر للمرة الثانية ،ومستعمرة مفئوت يرحيو التي تحاصر اريحا من الشمال الغربي ومستعمرة نيران من الشمال، وكذلك مستعمرة عمري وهي مستعمره لمستعمر واحد.

   هم يستهلكون كامل انتاج الابار الاربعة التي حفرت بقوة الاحتلال وسلطاته العسكرية  وتزرع هذه المستعمرات عشرات الاف الدونمات من النخيل والاعشاب الطبية والزيتون والورد والعنب.

   وفيما يعاني سكان العوجا من أزمة خانقة في مياه الشرب اذ تسمح لهم شركة مكروت بشراء كميات محددة من المياه في الساعة ( حوالي 7م3 / الساعة ) بينما كانت حصة بلدة العوجا قبل الاحتلال ليس اقل من 1850م3 في الساعة مياه مجانية تنساب في قنوات مفتوحة بين بيوتهم .

   و تعتبر العوجا محظوظة جدا من وجهة نظر سكان التجمعات البدوية المحيطة بالعوجا تاريخيا اذ لا يسمح الاحتلال لهم حتى بشراء المياه من شركة مكروت ….يقولون نسمع صوت المياه تخر في الانابيب من تحت اقدامنا في طريقها الى المستعمرات في كل الاتجاهات ولكن نحن محرومون منها ، بل اكثر من هذا فسلطات الاحتلال تفرض الغرامات العالية على سائقي التركتورات الزراعية من البدو لانهم يجرون خزانات مياه صغيرة ” 3م3 ” يجلبون بها المياه من مدينة اريحا لان الشرطة الاسرائيلية تعتبر هذه الخزانات غير قانونية ولا يجوز ان تسير على الطرقات المعبدة وتقوم بمصادرتها اذا كانت على الطرق الترابية لان سلطات الاحتلال قد صنفت جميع المناطق خارج منطقة البناء والسكن في العوجا اما مناطق عسكرية مغلقة او مناطق بيئية مغلقة فيما صنفت المنطقة العمرانية لبلدة العوجا حسب اوسولو منطقة ” أ ” اي ان للسلطة الفلسطينية كامل السيادة على الارض والسكان فيما لا يشكل هذا اي معنى لان سلطات الاحتلال تفرض سيطرتها الكاملة على القرية.

  واليوم تكتمل مأساة العوجا بعد جفاف نبعها بالاعلان منطقة النبع منطقة بيئية مغلقة .