بقيت السماء وحدها حتى اللحظة بعيدة عن أيدي الإحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه في الأغوار الفلسطينية لا سيما الشمالية منها، فقد صادر الإحتلال الأرض والماء والكلأ وهدم البيوت وهجّر أصحابها وعاد ليستولي على المواشي واللتي تعتبر لقمة عيشهم ومصدر رزقهم الوحيد.

فقد أعاد الإسرائيليون سياسة قديمة انتهجوها وهي مصادرة واحتجاز مواشي المواطنين من الأغنام والأبقار، إذ استولوا منذ أقل من أسبوع على نحو 150 بقرة من مراعي المواطنين واقتادوها إلى معسكراتهم ومستوطناتهم.

ويقول المواطن جمال مصطفى دراغمة إن سلطات الاحتلال صادرت حوالي مئة رأس من الغنم له ولشقيقه منذ أربعة أيام وإلى الآن لم تخل سبيلها إلا مقابل مبلغ مالي كبير يبلغ نحو 5 آلاف دولار.

ويتم عادة احتجاز هذه المواشي لفترة من الزمن ومن ثم يُجبر الاحتلال أصحابها على دفع غرامات قبل أن يُخلي سبيلها.

وتهدف هذه الإجراءات الإسرائيلية للسيطرة على الأرض وطرد سكانها منها لتسهيل عمليات التوسع الاستيطاني، كما يقول رئيس حملة “أنقذوا الأغوار” فتحي خضيرات.

وعادة ما تقتحم مئات العناصر من رجال الشرطة وقوات الاحتلال ومن يُعرفون بحرّاس المستوطنات وحرّاس الطبيعة المناطق الرعوية ويقومون بمصادرة جميع المواشي وخاصة الأبقار ويدّعون أنها بمناطق عسكرية إسرائيلية مغلقة أو أراضي دولة أو غير ذلك.

مخاطر أخرى

وأوضح خضيرات أن الخطورة نتيجة لذلك تكمن ليست في هذه المصادرة فحسب، بل في إرهاق المواطنين اقتصاديا والضغط عليهم لترحيلهم، حيث إن عددا كبيرا من هذه المواشي تنفق أثناء محاصرتها واحتجازها وجزء منها يهرب ولا تتم السيطرة عليه.

وأضاف أن المواطنين يدفعون مبالغ طائلة كغرامات لاسترجاعها تتراوح بين خمسين ومائة دولار للرأس، وأربعين دولارا يوميا إذا ما مكثت فترة طويلة ولم يدفع صاحبها الغرامة.

وتعيش مناطق الأغوار الفلسطينية عمليات تهويد ممنهجة منذ عام 1967، حيث تتم السيطرة تدريجيا على الأراضي وتهدم البيوت وتسرق المياه وتدمر الأراضي الزراعية عبر الحرق والتخريب من أجل التوسع الاستيطاني.

وتنتج الأغوار – حسب المركز الفلسطيني للمساعدة القانونية – ما نسبته 25% من اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان للمجتمع الفلسطيني، وبالتالي فإن المساس بهم مساس بالأمن الغذائي وبالمصادر الاقتصادية للشعب الفلسطيني، إضافة لتقويض قيام الدولة وهو الهدف الآخر من السياسة الإسرائيلية.

وأشار خضيرات إلى أن سياسة إسرائيل تلك تعنى استهداف آخر معقل لإنتاج وتربية الأبقار البلدية بفلسطين، وتستهدف كذلك مكوّنا اجتماعيا من المجتمع الفلسطيني “وهذه الطبقة هي البدو المزارعون والرعاة الذين هم ورقة الإثبات للحق الفلسطيني بهذه الأرض”.